نفحات | حـ #11 | الخلوة | أ.د. علي جمعة

149 عدد المشاهدات
Published
يسأل بعضهم عن الخلوة عند الصوفية ما هى ؟
والخلوة أخذوها من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث ذهب إلى غار حراء الليالي ذوات العدد فَيَتَحَنَّثُ -يتعبد-، وكان يتزود حتى إذا ما نفد زاده -الأكل والشرب- نزل حتى يتزود لمثلها .
أخذوها من سيدنا موسى عليه السلام حيث أنه ذهب ثلاثين يوماً ثم إنه ازداد عشراً حتى أصبح أربعين ليلة مع ربه في خلوته . {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}
أخذوها من خلوة سيدنا زكريا عليه السلام الذي اختلى الناس ثلاثة أيام {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}.
فالخلوة تحولت عندنا في شريعة الإسلام إلى الاعتكاف ، والخلوة أمر يُرقِّي الإنسان مع ربه لأن فيها هذه المعاني الأربعة التي تكلم عنها العلماء مستنبطين إياها من الكتاب ومن السنة : (قلة الطعام ، قلة المنام ، قلة الكلام ، قلة الأنام).
ودور العلم في هذا التنسيق فيما يُسمى بالتحقيق والتدقيق والترقيق والتزويق والتنميق ؛ أي يصوغوا هذه المصطلحات في صيغ قابلة للحفظ .
قلة الطعام : وهو الصيام . ونحن نعرف ما الذي أمرت به الشريعة في شأن الصيام وفي فضل الصيام .
قلة المنام : وهو قيام الليل . حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى : { قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) } ، يقول سبحانه : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا } ، يقول تعالى : { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ.. } إلى آخر هذه الآيات التي تمثل الغالبية من القرآن ..

قلة الكلام: نُهينا عن اللغو ، أمرنا رسول الله ﷺ بالصمت وقال: «إذا رأيتم الرجل أُوتي صمتًا فإنه يُلَقَّى الحِكمة»، ويقول: «اضمن لي ما بين لحييك وفخذيك أضمن لك الجنة» ، ولذلك جمع ابن أبي الدنيا ـ رضي الله تعالى عنه ـ كتابًا كبيرًا في (الصمت) وأورد فيه تلك الأحاديث الكثيرة جداً في فضيلة الصمت.
قلة الأنام : الانكفاف عن الخلق ، الأنس بالله ، الوحدة مع ربنا سبحانه وتعالى . فهذا هو شأن الخلوة .
الخلوة كما أنها واردة في الشريعة الإسلامية بهيئتها وأركانها ، فهى واردة أيضا في الديانات السابقة وأيضاً لها تجربة ؛ تجربتها أخذوا منها بعض هذه الأحكام : كيف تجلس في الخلوة ؟ كيف تقضي وقتك في الخلوة هل هو في الذكر ؟ أو في قراءة القرآن ؟ أو في الصلاة ؟ أو في التأمل والتدبر ؟ أو في التفكر المطلق ؟ أو في انتظار الواردات ؟ وغير ذلك من أصناف العطايا الربانية ومن أصناف المنح الصمدانية التي يُفتح على أحدهم في الخلوة بها .
إذن كما قالوا : "من ذاق عرف ومن عرف اغترف" ، فلما يدخل الخلوة ويرى ما فيها من منح وعطايا وأنوار وكشف لأسرار العبودية ويتفهم ويفهم أشياء لم يكن يفهمها من قبل ، حتى أن الإمام عبد الوهاب الشعراني رحمه الله ألف كتاباً في أسرار الخلوة ، تلك الأسرار التي فتح الله عليه بها وهو في خلوته ، وهناك خلوة من ثلاثة أيام .. خلوة من سبعة أيام .. خلوة من أربعين يوماً ، وهكذا دائماً يفعل ويقوم أهل التصوف بالعمل ومراقبة ذلك العمل ،وبناء نموذج لما يقومون به ،وتعليم ذلك لمن بعدهم ،ومن هنا جاءت قضية الخلوة .
أ.د. #علي_جمعة #نفحات
۞ اشترك الآن في قناة ا.د. علي جمعة على يوتيوب: https://goo.gl/0uMia7
شاركونا بأسئلتكم وآرائكم بالتعليق على الفيديو

۞ تابعوا الحسابات الرسمية لـ ا.د. علي جمعة:
Website: http://www.DrAliGomaa.com
Twitter https://twitter.com/DrAliGomaa
Telegram http://telegram.me/DrAliGomaa
Pinterest: www.pinterest.com/DrAliGomaa
Google+ https://plus.google.com/+DrAliGomaa
Soundcloud: https://soundcloud.com/DrAliGomaa
Facebook: https://www.facebook.com/DrAliGomaa
Instagram: https://www.instagram.com/DrAliGomaa

۞ للإشتراك في خدمة الرسائل القصيرة ارسل رسالة إلى 9999 وأكتب فيها 881
التصنيف
islamic
لا توجد تعليقات حتي الآن